امتازت هجمات 11 سبتمبر2001م بالكثير من التناقضات والكذب وزيف الحقائق، خاصة وأنها كانت ولا تزال إحدى القصص التي حيكت حولها نظريات وقصص، غالبيتها لا يتسم بالدقة والوضوح.
إحدى الصحف الغربية كشفت مؤخراً عن قصة كاذبة، كانت المجرمة فيها امرأة إسبانية، حيث كانت (إليزا هيد) فتاة من مدينة برشلونة في قاعتها الدراسية لمرحلة الماجستير في إحدى جامعات إسبانيا، عندما وقعت هجمات 11 سبتمبرفي أبراج التجارة العالمية بأمريكا.
وينقل الزميل الصحفي ناصر العتيبي من صحيفة ناس، عن صحيفة الديلي ميل، سردها لقصة “إليزا” التي تنحدر من أسرة شهيرة بالفضائح التجارية والخداع في برشلونة، والتي لم تستطع الانتظار والبقاء في إسبانيا، وهي ترى الأموال والدعم يتهافت على أسر ضحايا 11 سبتمبر من المجتمع الأمريكي وحكومته.
اختارت لها اسما جديدا (تانيا هيد) وبدأت بالتواصل على الإنترنت مع جمعيات الضحايا لتسرد لهم قصتها الدرامية عن وفاة خطيبها في الحادثة. وعند قبول طلبها كواحدة من ذوي الضحايا، قررت السفر إلى نيويورك لتبدأ واحدة من أكبر وأطول خدع التضليل والاحتيال في التاريخ المعاصر.
أثبتت (تانيا) نجاحها وفعاليتها كعضو في جمعية الضحايا، الأمر الذي استدعى أعضاء الجمعية لاختيارها رئيسة للجمعية، وتستمر بالعمل الفعال لزيادة الدعم المادي والمعنوي، وقابلت خلال عملها عدد من الشخصيات البارزة، مثل: محافظ نيويورك، وعمدة المدينة، وتظهر الصور الإعلامية كيف كان المسؤولون يستمعون لقصة نجاة (تانيا) في إجلال واحترام.
وكانت قصة النجاة لا تخلو من الأحداث الدرامية، حيث بدأت القصة كخطيبة لخطيبها ديفيد الذي مات في البرج، وبعد شهور تضيف أنها كانت أحد الناجين من الطابق 78. وكانت تتفاعل بمشاعرها ونبرة صوتها أثناء سرد أدق التفاصيل في قصتها.
أصبحت تانيا تميل إلى الوهج الإعلامي، فلا تمر شهور قليلة حتى تخرج بلقاءات مختلفة، وكانت تضيف تفاصيل جديدة على قصتها، وعندما سألها إعلامي عن أصعب موقف واجهته أثناء محاولة النجاة؟ أجابت بأن الموقف الأصعب كان إعطاء أحد الرجال خاتم زواجه لها، وكان يحتضر ويواجه الموت، وطلب منها تسليم الخاتم لزوجته، وتقول: إنها كادت اللحاق به بالوفاة لولا شجاعة المنقذ (ويلز ويمي) الذي أنقذ حياتها. وكان ويلز ويمي أحد المنقذين البارزين في حادثة 11 سبتمبر والذي توفي بسبب محاولة إنقاذ المزيد، فأعادت قصتها المزيفة مع ويلز ويمي، شخصية البطل المنقذ ويلز إلى الصفحات الأولى بالصحف وشاشات وسائل الإعلام.
وكانت أثناء المقابلة قد أِشارت إلى خطيبها باسم “زوجي”، ورغم مرور قرابة 5 سنوات على القصة الأولى عندما أشارت إليه بـ”خطيبي”، إلّا أن الجمهور لم يلتقط أول تناقض في قصتها المفبركة.
أحد الصحفيين في النيويورك تايمز، قام بتحقيق استقصائي حول المرأة، بعد أن راودته الشكوك في قصتها، واكتشف أنها تنسب لنفسها الدراسة في عدد من الجامعات الأمريكية، وعند تحققه من سجلات الجامعات، لم يكن اسمها هناك. وبعد ظهور التحقيق الصحفي، تبدل الرأي العام الأمريكي في مصداقية قصة تانيا في حادثة النجاة، وبدأت التساؤلات تتزايد.
بدأت الصحافة بالبحث عن زوجها المنسوب ديفيد، في جميع سجلات المتوفين الذين يحملون الاسم نفسه، وجدوا رجلا بذات الاسم لكن أسرته أنكرت علاقة المتوفي مع تانيا.
جاء الخبر اليقين عندما تأكدوا من هويتها، وأنها كانت متواجدة في إسبانيا أثناء حادثة 11 سبتمبر، ولكن “تانيا” كانت قد أسدلت الستار خلفها عندما توارت عن الأنظار، وعادت إلى إسبانيا قبل ظهور التقارير الصحفية الأخيرة.
بعد أسابيع قليلة، وصلت جمعية الضحايا رسالة عبر الإنترنت من مصدر مجهول، وتقول: إن (تانيا هيد) قد انتحرت، وبعد أسابيع تظهر الحقيقة أن الفتاة الإسبانية ما زالت على قيد الحياة بعد نجاحها في خداع وسائل إعلام المجتمع الأمريكي وحكومته لمدة 5 سنوات.
وألهمت القصة المؤلفين روبان غابي وانجيلد، لسرد تفاصيل القصة المفبركة في كتاب the woman who wasn’t there: the true story of an incredibale) deception ، المرأة التي لم تكن متواجدة هناك: القصة الحقيقية للخداع المُدهش).