
ان الفعل الأهوج والانسياق وراء المشاعر الهادرة لايؤديان في مطلق الأحوال الى نتائج ذات بال ولا يؤسسان لسلوك ديمقراطي نحن أحوج ما نكون اليه في لحظة تاريخية حبلى بالمطبات والمزالق والتجاذب.
وليس أنفع لنا ولوطننا من ساعة تدبر لاحوالنا التي تسوء باستمرار أمام أعيننا ونحن نستمرئ ذلك بمازوشية صارخة.
ان شبابنا الصالح الذي فجر الثورة وراهن على تبديل الأوضاع نحو الأحسن عليه أن يدر ك الان أن دفع عجلة التنمية لايتم الا بالمثابرة وبذل قصارى الجهد في ضوء العقل والتبصر بتعقيدات المرحلة.
ومقابل ذلك فان الماسكين بدفة الحكم عليهم أن يعجلوا بتصفية تركة الماضي المترعة بالفساد والتحيل بمساءلة المسؤولين عنها وكشف الحقبقة ساطعة -مهما كانت قسوتها – للمواطنين الذين يملؤهم الشك حول تستر الحكام على فظاعات تلك الحقبة.
أن المطلبية بوجه عام وفي كل القطاعات والفئات تتجذر يوما بعد اخر والحكومة تقابل كل ذلك بالصمت المريب ولا تفعل شيئا فهي لا توضح ولا تحاور ولا تنجز على الأرض وعود الثورة بل ان بعض رموزها وأحيانا في أعلى مستوى يأتون من الأخطاء ما يؤكد ضعفها وعدم انساجمها.
ان الحل لايكمن حتما في تأجيج الغضب واثارة الشغب ولا بكمن كذلك في الصمت على ترهات الماضي والاحجام عن أي فعل يؤسس للثقة بين مؤسسات الدولة وعموم المواطنين.
ومن أسباب الاحتقان ان يذهب في ظن الناس ان الأمور لا ترسو على بر السلامة الا اذا باشر رجال الأمس أوضاع اليوم بذهنية الماضي.
ولعله من دواعي استقرار البلاد ان يتأخر من كان بيدهم الأمرخطوات الى الخلف وأن يفسحوا المجال لمن لم يستحم في الفساد ليجرب خدمة بلاده بمنطق اخر .
هناك احساس عارم لدى الناس بأن الثورة قد سرقت وظهور بعض الوجوه في المشهد يسهم بدون شك في تكريس فكرة أن لاشيء تغير وأن العودة الى أساليب الماضي بدأت تطل برأسها.
خلاصة القول علينا أن نراجع أساليب التصرف مع ثورة لم تف بوعودها ومع شباب خابت أحلامه وبدأ يأكله الخيال.
مصبـــــــاح شنيـب