
جاءت ثورة تونس لتروي ظمأ الى الحرية كاد يفرغ النفوس من الأمل .. وما إن لاحت بشائر التحرر من قبضة الاستبداد حتى هب التونسيون على قلب رجل واحد يهتفون بالحرية في التعبير والتنظم والتعدد ، فكان لهم ما أرادوا ولووا أعناق العالم الذي عبر عن انبهاره بالحدث التونسي واستعجلت دول من نفس الفضاء الثقافي لاستنساخ المغامرة التونسية فباءت تجاربها بخيبات مريرة إذ صمد موروث الاستبداد الشرقي في وجه الحرية ودفع الشعب أثمانا باهضة وتحولت مدن كثيرة الى ركام. ولم يخلص التونسيون لثورتهم التي كانت حلما معلقا في الخيال وباتت واقعا معيشا فتعاملوا مع الحرية تعامل الصبيان مع لعبهم فتسبب ذلك في ضياع وقت عزيز .. .. لكن العقلاء انكبوا يرسمون مصير تونس كما يراها خيالهم المتحرر وها نحن الان نخرج تدريجيا من مربع العبث الى الجد وجل التونسيين عاقدون العزم على الذهاب بثورتهم صوب ناصية الحلم. رغم الحنين الذي مازال يعربد في خيال البعض الى الماضي الذى ولى ، ورغم البلاتوهات المأجورة الساعية بالليل والنهار الى الانحراف بالمسارالتغييري صوب أفق مظلم فإن تونس كلما مر عام ازدادت نأيا عن الانتكاس وتعزز سيرها نحو افاق الحرية والعدالة. التحول عميق من الاستبداد الى الحرية ومن الظلم الى العدل ومن الصوت الواحد الى الأصوات المتعددة ومن الاستئثار بالة الحكم ووسائل الإعلام الى الشراكة والرأي والراي الاخر.