1جوان 1955 // 1 جوان 2020: مالذي تغير في صباح يوم 1 جوان 1955

1جوان 1955 // 1 جوان 2020: مالذي تغير في صباح يوم 1 جوان 1955

كان نصف مليون تونسي في انتظار الزعيم الحبيب بورقيبة بميناء حلق الوادي ، وفق تقديرات الصحف الفرنسية الأكثر صدقيّة آنذاك. سُدسُ سكّان تونس تقريبا هرعُوا للترحيب بالزعيم أو “المجاهد الأكبر” كما أصبح يحلو لبعض الصحف أن تسميّه ، تسميةٌ خلعها عليه الزعيم صالح بن يوسف كما هو معلوم. لقد جاء قرار عودة بورقيبة إلى أرض الوطن في 1 جوان 1955 على إثر صياغة بروتوكول الاتفاقية التونسية – الفرنسية حول الحكم الذاتي و ذلك بعد مفاوضات صعبة استمرت من 13 سبتمبر 1954 إلى 22 أفريل 1955 . و لئن ظلّ الوفد التونسي متمسّكا طيلة مدة التفاوض ، بمبدإ السيادة التونسية ، فانه في المقابل تجنّب منطق “الكلّ أو لا شيء” و تمّ التوصل في النهاية (بعد لقاء مشهور بين بورقيبة و ادغار فور ) إلى اتفاقيات اعترفت بالسيادة التونسية و بحق التونسيين في ممارسة هذه السيادة في كل ما يتعلق بالشؤون الداخلية مستثنية بذلك الأمن الخارجي و التمثيل الدبلوماسي . و لم ينتظر بورقيبة توقيع الاتفاقيات الذي تقرّر ليوم 3 جوان و آثر العودة إلى تونس و كأنه كان يُردّد في دخيلته :”ما العناء إلا في الابتداء..”. غادر بورقيبة باريس ليلة 30 ماي بواسطة القطار نحو مرسيليا . و كانت جموع غفيرة من التونسيين و المغاربيين قد جاءت لتوديعه في محطة “ليون” إلى جانب حشد من الصحفيين العرب و الأجانب . و قد أنشد التونسيون ، الذين تألفوا في معظمهم من الطلبة ، نشيد الثورة قبل انطلاق القطار . وفي مرسيليا ، التي وصلها صباح يوم 31 ماي ، كانت حشود من التونسيين و الجزائريين و المغاربة في انتظاره . كما واكب وصوله جمع من الصحفيين . و من الطرائف التي سجّلها هؤلاء مبادرة بورقيبة – الذي تهاطلت عليه باقات الورود – إرسال باقة إلى قائد حصن سان نيكولا حيث سُجن سنتين و سبعة شهور ( ماي 1940 – نوفمبر 1942 ) . وكعادته في كلّ مرةّ يجتمع فيها بالناس ، انبرى بورقيبة خطيبا في الجوع الحاضرة . و في تمام منتصف النهار غادرت الباخرة “مدينة الجزائر” المقلّة لبورقيبة و مرافقيه ميناء مرسيليا . و كان الزعيم ، كما أصبح يدعوه أنصاره ، محفوفا ، في صالون الباخرة ، بالقيادات العليا للمنظمات النقابية الوطنية : أحمد بن صالح الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل ، و الفرجاني بالحاج عمار رئيس منظمة أرباب العمل ، و إبراهيم عبد الله رئيس الاتحاد العام للمزارعين التونسيين . كما كان إلى جواره ممثلون عن الحركات الوطنية المغاربية ، و عدد كبير من الصحفيين الأمريكيين و الانكليز و الفرنسيين و التونسيين . وعلاوة على هؤلاء رافق بورقيبة في رحلته هذه كذلك عدد من الشخصيات الوطنية و الأجنبية المعروفة تألفت من وزراء من أمثال المنجي سليم و عزيز الجلولي و محمد المصمودي ، و وزراء سابقين شأن محمد بدرة ، و أصدقاء شخصيين لبورقيبة مثل الكاتب جون روس ، و الناشر المعروف جوليار ، و اندريه باروش كاهية رئيس و عضو الغرفة التجارية التونسية ، و الهادي بوسلامة رئيس الغرفة المختلطة بالوسط ، هذا فضلا عن بعض الرجال الخلّص شأن المقاوم حسين لسود . و في صباح يوم 1 جوان دنت الباخرة “مدينة الجزائر” من ميناء حلق الوادي حيث كان في استقبالها عشرات المراكب البحرية . و قد وصف اندريه بوتار مراسل جريدة “لوموند” هذا المشهد بقوله : “رأى بورقيبة الفجر يطلع على خليج تونس حيث كان في انتظاره أعجب أسطول سلمي : سفنٌ جرّارة عريضة وطيئة ، مراكبُ ذات أشرعة دقيقة فارعة ، قواربُ صيد ثقيلة و زوارقُ هشّة ، كلّها كانت مزيّنة بالأعلام و اللافتات ،غاصّة بجماهير متحمّسة تعلّق الكثيرون منها بأعلى الصواري . إنه المهرجان الأعظم و التمجيد الأروع..” اليوم 1جوان 2020 // هذا اليوم الرمز بحسب ما اعلن المحامي عماد بن حليمة الذي انه سيتم اليوم الإعلان عن انطلاق إعتصام 1 جوان مشددا على أن تنفيذ هذا الاعتصام سيتم لاحقا بعد رفع الحكومة لاجراءات الحجر الصحي بسبب جائحة كورونا. وأكّد بن حليمة أن هذا التحرك يختلف مع ما سمي “باعتصام الرحيل 2″بما انه لا ينادي بحل البرلمان قائلا “نحن ضد كل سلوك فوضوي غير قانوني منبها من خطورة الفراغ التشريعي. وذكر بن حليمة ان المطالب الأساسية للاعتصام تتمثل في إرساء المحكمة الدستورية ومراجعة القانون الانتخابي وتعديل نظام الحكم ثم عرضه في استفتاء على الشعب إضافة للمطالبة بتنحي رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي وذلك بسبب مواقف هذا الأخير. وأشار بن حليمة إلى أنه من المرجح أن يتم بالتنسيق مع السلطات الرسمية والأمنية الإعداد لإجراءات تنفيذ الاعتصام بعد رفع الحجر الصحي قائلا “قد يكون ذلك بعد يوم 15 جوان الجاري”. 1 جوان 1955 عودة الزعيم الحبيب بورقيبة من منفاه و1 جوان 2020 عودة اعتصام الرحيل في ظل تعافي العديد من المرضى من جائحة كورونا في تونس.

سلسبيل