وأي الناس تصفو مشاربه ” بشار بن برد “

مصباح شنيب

 جلست اليوم على رصيف شارع رئيسي ووليت وجهي شطره وألقيت ببصري الى السابلة والى سرب السيارات والشاحنات وهي واردة صادرة فتملكتني حيرة شديدة من الطريق المزدحم والمحركات الهادرة ومن الراجلين يقتنصون الفرصة لعبور الشارع وأعينهم لا تستقر على حال فهي مصوبة أبدا الى اتجاهي الطريق تحوطا من العربات التى لا ينقطع مرورها. وارتددت الى بصيرتي أسألها عن هذا السيل من السيارات الجديدة وذات الدفع الرباعي وهذه الشاحنات تقود جراراتها مجرورات عملاقة مشحونة ببضائع مغطاة. وكلما ساءلت طست دماغي من أين جاءت هذه الالات لم يسعفني بجواب ومدينتنا الصغيرة ليست صناعية ولا فلاحية ولم يكن لها أيام الاستبداد والاستقرار المفروض كل هدا الحديد الذي يأكل بعضه بعضا. إن من يزور مدينتنا يصنفها دون عناء من المدن الغنية بما يتحرك على اسفلتها من اليات لا سيما وهو يلاحظ الناس في وسائل نقلهم الشخصية الفارهة ويرى أسواقهم مزدهرة والناس يقتنون البضائع الغالية الثمن … وشخصت لعيني عينة قوامها جمع من الناس يجهدون للوصول الى القصاب لاقتناء اللحم الأحمر الذي ابيض منذ زمان لدى الموظفين في الأرض … فاستخلصت دون عناء أن أموالا طائلة يتم تدويرها في مدينتي البيضاء وقد ترجمت الى منازل فخمة وحدائق غلبا وسيارات فارهة. وأن هذه الأموال نبتت من الأرض نباتا وليس بالإمكان أن نجد لها نسبا. هذه الأموال ربت واعشوشبت بالتأكيد خارج رقابة الدولة وبعيدا عن سلطتها أما من بقي تحت جناح الدولة فهو اليوم كسير كسيح فقد دارت عليه الدوائر وليس له إلا ان يردد مع الشاعر بشار بن برد بيته الشهير : إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه