هل يخلتف التونسيون مرة أخرى إزاء قضية ما فوق سياسية ؟

mosbah مصباحأثار استشهاد المرحوم محمد الزواري قبالة منزله بصفاقس على أيدي وحدة خارجية للموساد أواخر الأسبوع المنقضي جدلا محتدما حول انتهاك السيادة الوطنية من الاستخبارات الأجنبية وخاصة من الموساد التي اعتبرت دائما تونس هدفا لينا على حد تعبير عملائها وحول استباحة أمننا الوطني على الصعيد الاستعلاماتي ووكالات الجوسسة الدولية .

ومثلت حادثة اغتيال محمد الزواري استهتارا بالأمن الوطني الى الحد الذي جعل أحد عملاء الموساد ينقل الخبر الى القناة الإسرائلية العاشرة انطلاقا من التراب الوطني وتحديدا من موقع الجريمة النكراء ويعد هذا الصنيع تحديا في أجلى معانيه لكرامتنا الوطنية إذ ولد لدى التونسيين شعورا حادا بالضعة والمهانة.

أما الإعلام فقد كان هدفا لانتقادات حادة من مواقع التواصل الاجتماعي وأصبح محل تندر من الجميع لعدم نطقه بالخبر النبيث إلا بعد اذاعة وسائل الإعلام الإسرائيلية له حيث بات من المستحيل تجاهله.

وبادرت بعض الأحزاب بنعي الشهيد ودعت الى التظاهر في تونس العاصمة يوم الثلاثاء 20 ديسمبر 2016

تنديدا بالجريمة النكراء التي طالت المهندس محمد الزواري .

وتحركت بقية الأحزاب بعد ذلك  وبعضها لم يتحرك بعد بإصدار البيانات والدعوة الى الاحتجاج دون الاتفاق على تاريخ موحد أو مكان بعينه.. ويذهب البعض الى تفسير عدم  التلاقي بين الأطراف المختلفة حول مسألة يفترض أن يتوحد فيها الجميع بأسباب ايديولوجية  بحته وهو ما يثبت أن التونسيين لم يبرحوا بعد ساحة الاختلاف حول قضاياهم المصيرية ومن أبرزها قضية فلسطين.

ويرى اخرون انه بات من الضروري تجاوز الحساسيات السياسية إزاء القضايا ذات المصير المشترك وأن توجيه التهمة الى الحكومة أو الأمن لا يجدي نفعا لأن ما يعرفه وطننا من انتهاك يعود في الحقيقة الى ما هو أبعد من ذلك مثل فشل منظوماتنا التعليمية والبحثية في تطوير أمننا الوطني وتشهد كل المعايير الدولية على ذلك اذ مازال توظيف التعليم لهذه الجهة السياسية أو تلك واحتكار إصلاحه وفق توجه دون اخر هو محل صراع ايديولوجي بالأساس.ويعني ذلك أن عقلنا الوطني مازال لم يتجاوز مطبات عديدة تجاوزتها دول  بدأت في تنفيذ مشروعاتها الوطنية بعدنا بسنوات. إن تفسير ضعفنا وهواننا بمجرد العامل الأمني أو تواطؤ بعض الجهات لهو تفسير قاصر لأن ضعفنا يعود أصلا الى ضعف رهاننا على المعرفة وضعف رهاننا على تكريم الإنسان الذي انتهكنا حرمته المرة تلو الأخرى.

يتعين علينا أن نشخص هناتنا وعثراتنا تشخيصا دقيقا قبل أن نلقي بخيباتنا على عاتق أطرا ف لو كنا مكانها ما كنا لنكون في وضع أفضل منها. نحن الى الان لا نتوفر علىمشروع لتملك المعرفة والتكنولوجيا وليس بين أيدينا فلسفة واضحة لإقلاعنا الاقتصادي والتنموي وانما  نصرف أمورنا يوما بيوم في انتظار معجزة قد لا تأتي..

مصبـــــــــــــــاح شنيــــــــب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.