
لا أحد ينكر أن الاتحاد العام التونسي للشغل كان يمثل متنفسا لما يجسده من هامش للديموقراطية لم يكن متاحا في أي فضاء مؤسّسي اخر وكان ذلك في ذلك الوقت يخلع عليه شيئا من الصدقية ويجعله يحظى بتقدير فئة عريضة من النقابيين.
غير أن ذلك ما كان يحجب التصرفات المريبة للمركزية النقابية وتحكمها المشط والمفضوح في مؤتمرات الهياكل النقابية وكان ذلك يؤجج الصراع بينها وبين النقابات المشكلة من عناصر لها قناعات راسخة بالديموقراطية بحكم ثقافتها السياسية واطلاعها الواسع على التقدم الذي يفرزه التمشّي الديموقراطي لدى دول عديدة.
وترسّخ هذا السلوك بعد الثورة ليغدو مطلبا ملحا لدى شريحة أوسع من النقابيين اعتبارا للدور الرئيس الذي نهضت به التشكيلات النقابية لإنجاح الثورة وتعزيز مسارها الديموقراطي.
غير أن الحرس القديم سرعان ماعاوده الحنين الى ذاك السلوك القديم وسرعان ما تناسى التوجه الديموقراطي الذي أضحى واقعا مكرّسا على الأرض ولم يفتأ يتعزّز محطة بعد أخرى كما تناسى الدور الفاعل للنقابيين في بلورته.
ولعل ما ينغّص تشكيلات نقابية عديد ة هذا النكوص الذي تقوده أطراف في المكتتب التنفيذي للاستمرار في ترويج دعاوى غريبة تخلع عليهم الكمال وتنزع عن غيرهم الكفاءة والنضج الكافي والنضالية اللازمة لإدارة العمل النقابي في صورة تطبيق قوانين الاتحاد.
ويعدّ هذا التبرير من أسخف ما يمكن أن يقدم ذريعة لتسويغ عمل انقلابي مفضوح .
والنقابيات والنقابيون الأحرار مدعوون اليوم الى تدبّر هذا المنعرج للوقوف جبهة متراصّة ضد هذا العبث الذي يكرّس سلوكا بغيضا خال التونسيون أن ارواح الشهداء كانت الثمن الغالي لردمه الى الأبد.