جميع الاحتمالات مازلت جائزة للاجابة عن الاسئلة الكثيرة التي تحوم حول جريمة القتل التي يمكن أن تكشف عن عملية “اغتيال” سياسي استهدفت المواطن محمد الزواري ظهر أمس الخميس بصفاقس.
فتضارب المعطيات الأولية حول القتيل وشحها ، عن ماضي المهندس الدراسي والسياسي وسفراته وعلاقاته بالداخل والخارج، زادت في تعقيد المسألة وفتحت أبواب التخمينات على مصرعيها.
فتشير بعض المصادر المتطابقة أن لهذا المهندس سفرات سابقة الى السودان وايران وسوريا ولبنان وأن له علاقة قديمة بحركة النهضة، بل كان عنصرا يعول عليه في عملية تهريب بعض قيادات الحركة خارج التراب التونسي في التسعينات، وذلك ليس بمتاح للجميع…
كما أكدت أخرى دون الاشارة الى مصدرها ولا تأكيدها أو نفيها، الى أن هذا المهندس المولع بعالم الطيران والطائرات الشراعية ونماذج الطائرات كانت له علاقات مع حركة حماس
ولأن الاستقطاب الثنائي مازال مهيمنا على الساحة بين الاسلاميين ومن يدور في فلكهم من هواة نظرية المؤامرة “الصدئة” والحداثيين ومن يدور في مدارهم من متوجسين بكل ما له علاقة بالاسلاميين من بعيد أو من قريب ، فقد تم تحويل وجهة القضية الى تبادل اتهامات عشوائية قد تضيع دم القتيل وتستبيح سيادة وطنية يشتبه في التعدي عليها بهذا الجرم.
قضية شائكة وغامضة، كان تعامل الاعلام معها ، عشوائيا ودون تريث وتمحيص دقيق، زاده غياب التوضيح من المصدر الرسمي ، جريا وراء السبق وشبه شبه المعلومة وان كانت زائفة كزيف زرقة مياه البحر، فعمق ذلك تعقيدات القضية ورفع مستوى الارباك العام المربك أصلا.
لتزيد بعض التلميحات والتعليقات التي لا تنطلق من ترهات ، في ابعادها السياسية والاتصالية والعلائقية بجلب عطف الجمهور الواسع ، ارباكا، وتضليلا .
ومازالت وزارة الداخلية ورغم نجاحاتها الكبيرة خلال السنة المنقضية في عودة المسك بزمام الأمور أمنيا، وقفزتها النوعية في تحسين صورتها بين المواطنين ، تعاني من تشتت المعلومة الخارجة من أجهزتها وتعدد المصادر صلبها من بين غير المخولين وغير المختصين مما جعل المعلومات الثانوية جوهر قضية القتل في الاعلام وبين الرأي العام الوطني.
ولأن المعطيين الزماني والمكاني، في علاقة عضوية بكل حدث وان بسيط، فان اختيار القيام بالجرم في لحظة توجس عام ، زاد في تعقيد أسبابه وغاياته، واستعمال السلاح الناري كأداة للجريمة جعلها تصنف في باب الجريمة الارهابية دون شك في ذلك.
جريمة ارهابية ، قد تكون لمجموعات الغدر الارهابية يد فيها، لأنها تعول على الفوضى والاقتتال وتغذية الصراعات والأحقاد بين أبناء الوطن الواحد، طريقا تشقه للتمكين وفرض التوحش.
وجريمة ارهابية، قد تضطلع بعض المجموعات في ارتكابها، تصفية لحسابات ما، أو تنبيها بأمر ما، أو طمسا لحقائق ، كثيرة مازال التونسيون لم يكشفوها عن سنوات خمس مرت لم تمسح معها اثار المجرمين والانتهازيين والمافيات والارهابيين وتجار البشر التي مازالت أشباحها مرهبة لهم.
و قد تكون أيضا جريمة مخابراتية عابرة للدول ، تستهدف مواطنا مازالت مدار علاقاته وقراباته غير واضح، ومازالت القوى التي تم التلميح لعلاقاته بها لم تصدر مواقف أو تسريبات بخصوص الرجل لنعيه مثلا كما دأبت هذه التنظيمات على الفعل في تقاليدها وارثها السياسي والجهائزي..
على كل هي جريمة ارهابية، يجب الاقرار بذلك، زعزعت أمن البلاد وشككت في أجهزتها وكشفت الغطاء عن استقطاب ثنائي مازال يتربص بمستقبل البلاد ونجاتها من أوحال الاقتتال والفوضى الاقليمية ، ومسا من السيادة الوطنية يجب العمل بجهد وتفان للحفاظ عليه كما الحفاظ على اخر ورقات التوت..
أيمن الزمالي