مصباح شنيب: صحراء تطاويـن منطقة عسكرية منذ 1895

مصباح شنيب: صحراء تطاويـن منطقة عسكرية منذ 1895

يقال دائما أن تطـاوين تمسح ربع مساحة الجمهورية وهو قول لايقف على قدميه بل هو مفرغ من معناه أصلا – وإن تباهى به البعض واعتبره ذريعة لاهتمام الحكومة بالجهة وإعمارها – لأن الحكومات المتتالية بناء على المنجز في التنمية لا ترى في تطـاوين أكثر من زائـدة دوديـــــة في جغرافية تونس.

هذه المساحة المتباهى بها تقضم الصحراء جلهـا والصحراء أممها أوكاد مرسوم الحماية الفرنسية منذ 1895 و لم تتحرر من قيده الى يوم الناس هذا.

هذه الصحراء الخاضعة لسلطة الجيش التونسي منذ رحيل المستعمر لايمكن النفاذ إليها الا بعد الحصول على جواز خاص يسلم الى المعني بالأمر بعد إجـراء بحث أمني. بما يعني أن متساكني تطاوين محرم عليهم أن يمدوا أيديهم أو حتى أطراف أصابعهم الى هذه الصحراء المحسوبة جزءا من تراب الولايـة الغراء إلا أن يكونوا رعاة أو غاسلي صحون في مطابخ حضائر النفط الموشك على النفاد.
قد تكون هنـاك حـاجة الى تلك التدابير الأمنية التي يمنع على العامة من أشباهنا الخوض فيها غير أن هذه العامة لم يتناه الى سمعها يوما ان حادثا أمنيا قد هز هذه الصحراء المليئة بالرمال وبما تحت الرمال.
لكن ما نعرفه أن تمديد الحظر على الصحراء حجب عنا ثروات استفاد منها غيرنا ريعا وشغلا وحدائق غلبا وفاكهة… فهنيئا لإخواننا في الوطن والملة بما كسبت أيديهم.
لم نفهم طوال هذه السنوات كيف تلاقت مصالح فرنسا الأمنية ومصالح تونس المستقلة وأحسب أن عيوننا ستقر وأن قلوبنا ستسعد لوتفضل مسؤول بتفسير سر هذه العسكرة في زمن الاستقلال بل زمن الثورة على سياسات زمن الاستقلال.
يا أيها الذين عسكروا صحراءنا قد حرمتمونا من استغلالها في مارب عديدة ومن استغلال مائها الغزير في زمن العطش ومن توظيف فراغها الموحش وكثبانها في سياحة المغامرة.
ماذا تركتم لنا بعد قنص غزلانها وفتحها لأمراء الخليج لاصطياد حبـارها… ضيوف كثر تمكنهم الحكومات السابقة من فتنة الصحراء ومن عذرية الطبيعة فيمتصون رحيقها ويرحلون ويأبون اليوم
ان يمدوا لنا يد المساعدة.
ارفعوا الحواجز عن الصحراء فكثير علينا أن نظــــلم مرتـين
اطمئــنوا لن نطالب بانفصال الصحراء مهما تضاعف التهميش وتتالت المراسيم المكرسة له
ثقوا بأننــــــــــا سنقاتلـكم لو حدثتكم أنفسكم يوما بالانفصال عنا.
حرروا أنفسكم من هذه الترهات وطهروا خطابكم من هذه الأوهام
لو حدثتكم عن ” ثورة الودارنة ” خلال العشريتين الأوليين من القرن العشرين لعرفتم أن الصحراء وتطاوين بالذات هي التي دفعت الثمن الأغلى ولم تتاجر يوما بدماء شهدائها ولم تجعل منها قميص عثمان في معركة بناء تونس الحديـثة.
أفرجوا عن الصحراء يرحمكم اللــــه
مصبــــــــاح شنيـــــــــب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.