لست أعرف بلدا متخاذلا في علاقته بلغته الوطنية مثل تونس فكنت دائما أعجب لهذه اللغة الهجيـنة التي ينطق بها المنشطات والمنشطون في البرامج المختلفة التي تبثها هذه الراديوهات التي تناسلت كالفطر وهذه المنوعـــات التي يشاهدها الالاف على بلاتوهات تلفزاتنا العمومية والخاصة… هي لغة وما هي بلغة لأنها خليط من لغات ولهجات بعضها اجنبي والاخر محلي وكنت أتساءل ما الذي يجعل هذا العدد الوفير يذيعون انتاجهم بهذه الوسائط المنتمية الى قضاءات ثقافية مختلفة ويتلفزون برامجهم بلغة لا نستطيع أن نردها الى أصل محدد فهي عربية ودارجة موزعة على قبائل مختلفة وفرنسية وانقليزية وتنضاف الي كل ذلك طرائق غريبة في إخراج ملفوظها تفخيما وترقيقا بحسب التصميم الذي قد عليه المخلوق المنشط.
سمعنا هذا الخاثر من الأقوال والمتنافر من الألفاظ وعللنا ذلك بضعفنا وفقداننا للصفة في هذا العالم الذي ننتمي اليه شكلا وننتسب اليه وهما وأفسدنا أجهزة التلقي لتتكيف مع المرسل من المضامين. لكن ما نزع عنا ورقة التـوت وكشف عورتنا أمام الناسوت هو أن يندفع شاب من بني جلدتنا يسمى بسفير الشباب لدى الأمم المتحدة يرطن بفرنسية غريبة في محفل أممي مهيب ويرفع يديه وهو يمضغ لغته وينزلها وهو يبتلع حروفها مزهوا بخطابته وفرحا برطانته…حينذاك قفزت الى المقارنة وقلت ماذا لو شاهد الفرنسيس ممثل شبابهم يلقي خطابه باللغة الانقليزية او الايطالية رغم روابط الدم وعلاقات النسب فماذا ستكون ردود أفعالهم ؟ لاريب انهم سيصرخون بفضيحة وطنية من هذا الحجم .
أما نحن فقد اغتربنا في بلداننا قبل اغترابنا في بلدان الاخرين وما نزال نخرج الى العالم بلغة مستعارة وما تزال الكثير من اجتماعاتنا تدار بلغة غير لغتنا.
اه يا توانسة لو طلبتم – يوما – ان تلحقوا بالتراب الفرنسي لطردتم طردا وصفعتم صفعا فأنتم عبء على الفرتسيس وغيرهم رغم تنكركم للغتكم وجحودكم لهويتكم…. انتم تقدمون خدمة حضارية لغيركم انتم -أحببتم أم كرهتم -عملاء حضاريون وستظلون كذلك الى حين إفاقتكم من غفوتكم.
مصبــــــــــــــــــــاح شنيــــــــــــــب