تنقيح قانون المخدرات:اجتهاد القاضي هو الحلّ وليس تحرير الاستهلاك

ينصّ الفصل الرابع من قانون المخدرات على أنه «يعاقب بالسجن من عام الى خمسة أعوام وبخطية من الف الى ثلاثة آلاف دينار كل من استهلك أو مسك مادة مخدرة »، حسب هذا النص فان القاضي لا يستطيع النزول بالعقاب أقل من السجن لمدة عام وبخطية لاتقل عن الف دينار.
اذ أن النص القانوني في القانون عدد52 لسنة 1992 يضع القاضي في اطار من العقوبة المغلقة التي لا يجب ان تقل عن عام ولا تتجاوز خمسة أعوام وغالبا ما تكون الأحكام القضائية بالنسبة الى جريمة المسك والاستهلاك لمن يحاكم في مادة المخدرات لأول مرة بالسجن لمدة عام وبخطية قدرها الف دينار لذلك يقال في الاستعمال الدارج للغة(عام وفيسبا) باعتبار ان هذا النوع من الدراجات سعره في حدود الألف دينار.
في حين قد يصل عقاب العائد الى لمدة خمس سنوات وبخطية قد تصل الى ثلاثةالاف دينار.
اجتهاد القاضي في هذه الحالة محدد.
عقوبات وجرائم
ينص الفصل كاملا على انه «يعاقب بالسجن من عام الى خمسة أعوام، وبخطية من الف الى ثلاثة آلاف دينار كل من استهلك أو مسك لغاية الاستهلاك الشخصي نباتا أو مادة مخدرة في غير الأحوال المسموح بها قانونا، والمحاولة موجبة للعقاب».
في حين يتراوح عقاب الوسيط او المزارع بين السجن لمدة ستة وعشرة أعوام أما المروجون فإن العقاب قد يصل الى عشرين سنة. وشدد المشرع في العقاب إذا تمت جريمة المخدرات في اطار عصابة او شبكة او وفاق ليصل الى السجن بقية العمر.
هذا القانون اثار جدلا لدى بعض الحقوقيين والسياسيين باعتباره يجرم الاستهلاك و لايعطي هامشا لاجتهاد القاضي وهناك من طالب بعدم تجريم الاستهلاك خاصة استهلاك الزطلة اي مادة القنب المصنفة في الجدول ب المتعلق بالمخدرات وهو ما يعني في هذا السياق سحب هذه المادة من الجدول واباحة استهلاكها.
مشكل القانون عدد 52
غير أن الاشكال الأساسي ليس متعلقا بالمادة في حد ذاتها بل هو متعلق بالعقاب إذ لم يثبت العقاب المشدد ردعا للجريمة بل بالعكس فإن جريمة المسك والاستهلاك تزداد بشكل تصاعدي وأصبحت تطال العديد من الشبان الذين امتلأت بهم السجون وأصبحوا يمثلون مشكلا حقيقيا بعد أن تبين ان القانون عدد 52 لسنة1992 لم يقض على جريمة المخدرات اذا موضوعيا فان الشروط الراهنة تفترض مراجعته في اتجاه إعطاء هامش أكبر لاجتهاد القاضي و عوض ان يتم حصره بين عقوبة دنيا وعقوبة قصوى فانه يمكن التمييز بين صنفين من المستهلكين المستهلك لأول مرة والمستهلك العائد فالمستهلك لأول مرة يمكن تمتيعه بتأجيل تنفيذ العقاب وفسح المجال للقاضي في الاجتهاد امام عقاب لا يتجاوز العام وبالتالي يمكن ان ينزل به الى يوم واحد مع إمكانية تأجيل تنفيذ العقاب ويشترط في ذلك قبول المحكوم عليه بالعلاج في مراكز مختصة.
اجتهاد القاضي
أما بالنسبة الى المستهلك العائد فإنه يمكن للقاضي أن يحكم ضدّه بالسجن لمدة عام مع تمكين القضاء من الالتجاء الى ما يعرف بشروط التخفيف مثل نقاوة السوابق العدلية والمهنة والدراسة…
هذا التخفيف وهذا التصور الجديد للقانون يستوجب ان تكون مسالك التوزيع معلومة ومراقبة وشرعية لا ان يتم التخفيف من العقاب المُستوجَب على استهلاك القنب وترك مجال التوزيع والتوسط والترويج للعصابات الاجرامية هذا ما يفترض أن تتولّى مراكز العلاج التابعة للدولة تزويد المستهلكين بحاجتهم وفق نظام قانوني صارم وبالتالي ضرورة تشديد العقاب على عصابات ومجموعات وأفراد الترويج والزراعة والإنتاج والصناعة…
إذن يجب ان ينص القانون على احداث مراكز للاستشفاء والعلاج قبل التخفيف في العقوبات مع مراجعة وسيلة الاثبات التي تعتمد الاختبارات البيولوجية على سوائل البشر في اتجاه عدم اجبار ذي الشبهة على إعطاء سوائله وإيجاد وسيلة اخرى للإثبات مع إعطاء الحق للمشتبه به في الرفض واعتبار ذلك الرفض حجة عليه.
ويشار الى ان التخفيف في جريمة الاستهلاك في اتجاه إعطاء سلطة اكثر للقضاء في الاجتهاد لا يعني التخفيف في الاستهلاك في المطلق بل يجب ان يتم تجريم استهلاك بعض المواد المخدرة الخطيرة بصرامة مثل انواع الكوكايين والهيروين حتى لا يتحول القانون الى اطار لحماية العصابات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.