
وضعنا قدرنا الجغرافي في أقصى نقطة من خارطة تونس وألفينا أنفسنا نكافح من أجل الاستمرار في العيش على تخوم صحراء عجفاء ظلت تنتج لنا ” الشهيلي ” ورياحا رملية لا تنفك تعزف لنا سنفونية الجدب والعدم … عالج أجدادنا هذه الأوضاع الصعبة بتغريبات وتشريقات رأبا للبقاء وتعلقا بالاستمرار. البعض منهم أتعبهم هذا النمط من الحياة فضربوا في الأرض فرادى وجماعات والبعض قبض على الحجر واستف التراب وظل يقاوم. أجدادنا أهل نفرة ونجدة لم يطيقوا الاستعمار فقاوموه ببسالة بما ملكت أيديهم ودفعوا الثمن الباهض جراء ظلم البعيد والقريب. تتالت عقود الاستقلال فاكتشفوا بعد لأي أن حضورهم في جغرافية تونس لا يعدو أن يكون افتراضيا وأدركوا أن أرضهم ليست عاقرا وأنها جادت بنصيب لا بأس به في تمويل اقتصاديات دولتهم الفتية. … الحديث يطول في هذا المجال فلنتجاوزه. اليوم ونحن في لحظة تاريخية أخرى يتعين أن يتم التعاطي مع الجهة بأسلوب يقطع مع الأمس .. مرت الأيام ولم يحصل شيء من ذلك. فاندلع الكامور ونطق بكل رمزياته بما أخاف الحكومة وبعث في نفسها الريبة على الوحدة الوطنية لا سيما والوقت ملتبس باللحظة الداعشية التي زرعت الرعب في أكثر من قطر. البطء في تجسيد الوعود المقطوعة نكأ الجرح من جديد فبرزت على السطح علامات غضب مشحونة بالتهديد والوعيد فكيف نتصرف إزاء كل هذا ؟ يتعين الجواب على الأسئلة التالية : ما الأسلوب الأنجع للتعاطي مع الكامور الغاضب ؟ هل يجدي أسلوب الأمس ؟ هل انتهى الكامور أم تراه سيرورة ستظل الياتها فاعلة ؟ وحتى يكون تحليلنا لهذا الوضع موضوعيا ودقيقا ينبغي أن ننزل طروحاتنا في سياق الحالة العامة التي تعيشها تونس اليوم كما يتعين أن نتحلى بالصرامة المنهجية محملين الحكومة وأنفسنا المسؤولية . ننتظر التفاعل …..