تجميل المدن / رأي للنقاش

تجميل المدن / رأي للنقاش

مصباح شنيب

قبل الثورة كانت المواهب معتقلة ، ولم يكن مسموحا بأي شيء ، بل إن الفضاء العام انقلب فضاء خاصا لا تلوح فيه الا صور المخلوع وليلاه .
القيمة الكبرى التي نعم بها الشعب التونسي بعد الثورة هي الحريـة التي انفجرت انفجارا وملأت تعبيراتها كل فضاء.
ومن شواهد ذلك ما أقبل عليه الشباب من تجميل للمدن فتراقصت الألوان في كل مكان وزال ذلك الاكفهرار الذي ارتسم في كل ركن من المدينة.
ثورة الألوان غزت المدن وزرعت في أرجائها الجمال والأمل وهذا بلا ريب هو من بركات كسر القيد الذي كبّل الخيال والعقل.
غير أن هذا الفيض من الألوان الذي ملأ الجدران وأرضيات الساحات وجذوع الأشجار يظل رغما عن رمزيته العالية في التأسيس للفرح والاحتفال بالحياة مشوبا بالفوضى. كما يظل بحاجة الى قدر من الضبط والتنظيم.
إن تدخل المجلس البلدي المنتخب لرسم الفضاء الذي سيحتضن ابداعات الشباب هو من أوكد ما يتعين أن تنهض به مجالس بلديات الثورة المنتخبة والأهم من كل ذلك أن يرافق الشباب المبدع رسامون وفنانون يتولون إرشاده ويسهرون على الانسجام المطلوب بين عناصر اللوحة المرسومة.
ليس من الجمالية في شيء أن نقدم على رش ألوان فاقعة لا تسر الناظرين كيفما اتفق على جدران لا تلبث ان ينصل لونها ويخفت بريقها.
كم يكون جميلا لو أن الإدارات العمومية والمدارس والمعاهد تعهد الى فنانين برسم لوحات على واجهاتها من الحصى او من نثار الحجارة ذات اللون المحلي فيكون ذلك أدعى الى لفت الانتباه الى خصائص المدينة وتراثها دون التورط في تلطيخ الجدران بألوان زاهية تريقها الأمطار مادة سائلة وتفسدها الرياح.
توفر فضاء للشباب لتفجير مواهبه أمر مهم وأهم منه تدبير هذه المواهب في ما يخلع على المدينة البهاء والجمال ويجنبها الفوضى والارتجال والقبح أحيانا
مصبـــــــــاح شنيـــــــب