تاريخ “العصيدة” التونسية

تاريخ “العصيدة” التونسية

العصيدة صبحت أكلة شعبية بوم ان التجأ اليها الامازيغ في أيام المجاعة زمان ثم اصبحت مرطبات فاخرة تقدم في المولد النبوي الشريف و التي تعتبر أكلة تونسية بامتياز تتباهى بإعدادها ربات البيوت.
أن العصيدة هي أكلة أمازيغية بالأساس ورثها التونسيون عن السكان الأصليين الأمازيغ لإفريقية (تونس) وتتركب من الماء والدقيق ويتم طبخها على النار حتى تصبح كتلة رخوة تقدم مع زيت الزيتونة والعسل.
وتتنوع العصيدة، التي يتم تقديمها أيضا للنفساء عند الولادة، حسب نوعية الدقيق المستعمل إذ يتم استعمال الدقيق المستخرج من القمح بالشمال ودقيق الشعير في الجنوب فيما تختص منطقة الوطن القبلي بإعداد عصيدة “الدرع”.
ثم التجأ سكان جبال ععين دراهم والشمال بصفة عامة زمن القحط والحروب وما نتج عنها من مجاعة الى ستعمال “الزقوقو” (ثمار الصنوبر الحلبي) ويقال تحديد انه تم اللجوء إلى استعمال هذه المادة الغابية تم خلال سنوات الجفاف التي تلت ثورة علي بن غداهم سنة 1864 م وانتشرت خلالها المجاعة. واكتشف سكان الشمال الغربي في “الزقوقو” مادة غذائية تشبه “الدرع” فتم استعمالها في عصيدة المولد خلال تلك السنوات التي قلت فيها الحبوب (قمح وشعير ودرع). إلا أنه حتى السبعينات من القرن الماضي كانت عصيدة “الزقوقو” تمثل عيبا كبيرا لدى العائلات الكبرى في تونس العاصمة حيث لا اعتراف سوى بالعصيدة البيضاء (فرينة) أو عصيدة الفواكه الجافة مثل “البوفريوة” ويعود نفورهم من عصيدة الزقوقو إلى كونها رمز للفقر أما في دخلة المعاوين بالوطن القبلي فكانت عصيدة الدرع هي الأكلة الرائجة وتونس البلد الوحيد الذي يستهلك “الزقوقو” وأخذت عنّا اسطنبول هذه العادة من خلال إعداد “البوزة”
ونظرا لنكهته الطيبة وميزاته الغذائية الكبيرة فقد أصبح أكلة تتفنن في إعدادها المرأة التونسية بإضافة السكر على الوصفة فضلا عن بعض الفواكه الجافة.
و”الزقوقو” هي ثمار الصنوبر الحلبي تكون في شكل مخاريط حاملة للحبوب يتم تجميعها واستخراج ثمارها باستعمال الأفران التقليدية الأمازيغية. وتمتد غابة الصنوبر الحلبي على مساحة 300 ألف هكتار في ولايات باجة وجندوبة والكاف وسليانة والقصرين.
وتعتبر ولاية سليانة أهم مركز إنتاج وتخزين لمادة الزقوقو إذ يبلغ إنتاجها حوالي 60 طنا سنويا من حبوب “الزقوقو” المتأتية من غابات الصنوبر التي تمتد على مساحة 60 ألف هكتار تنتشر أساسا بمعتمديات برقو وكسرى ومكثر وسليانة الجنوبية وبوعرادة وقعفور.
ويضطلع إنتاج مادة “الزقوقو” أو ثمار الصنوبر الحلبي بدور اقتصادي واجتماعي كبير إذ يمثل مورد رزق لآلاف العائلات بشكل مباشر وغير مباشر.
ويتكبد منتجو الزقوقو مشقة كبرى في تسلق الأشجار والتعرض إلى المخاطر في قص المخاريط الحاملة للحبوب وتجميعها واستخراج ثمارها باستعمال افران تقليدية يتحملون فى تشغيلها معاناة شديدة ومخاطر صحية بين شدة حرارتها في الداخل وبرودة الطقس خارجها