ظلت الحرية لدى الشعوب العربية المضطهدة من حكامها مطلبا عسير المنال دفع المناضلون من أطياف شتى مهرها دما مسفوكا وأسرا تجرعت العلقم وسجونا تنتحر على أعتابها الإنسانية.. وبمداد الدم والقهر حبر الكتاب من القلة التي أبت لعق أحذية الحكام وصبيان الحكام كتبا تفيض بالمأساة وتنضح بالمعاناة. وعاما بعد اخر تاكلت هذه الأنظمة كما تأكل النار بعضها ومل رعاتها من الغربيين من غبائها وضعفت ثقتهم في قدرتها على خدمتها وأثمرت نضالات القلة من الواقفين في الساحة دفاعا عن حرية تعيد الى الانسان كرامته والى الدولة هيبتها. رحلت هذه الأنظمة غير مأسوف عليها ولمس العرب الحرية كيانا شهيا ورقصوا احتفالا بها غير أنهم لم يلبثوا أن تخاصموا على اقتسامها وادعوا البطولة في إحضارها الى أرضهم وعجت الشوارع والأنهج بالزعامات وتكاثرت المليشيات وشيئا فشيئا قرروا الذهاب الى الحرب لبناء زعامة جديدة لن تكون الا استبدادية كما كانت وتقاتلوا واستمرؤوا دمهم كسباع متوحشة وغرقوا في فوضاهم من جديد. سؤال الحرية سؤال مرهق في أرض العرب لن نجيب عنه الا اذا ساءلنا تراثنا قبل الاسلام وبعده ووقفنا على الكثير من قبائح الأفعال وشنائع الأحوال المقترفة باسم العشيرة حينا والملتحفة بغطاء الدين حينا اخر والمتمنطقة بكساء الطائفة طورا اخر…. لن تجد الحرية في بلاد العرب مأوى طالما ظللنا نمجد تراثا مثخنا بالجراح ولا نمتلك الجرأة على نقده ذلك النقد القاسي الذي يضع الأمور مواضعها. نحن الان أشبه بالقبائل التي تثير الخصومة حول ناقة وتشعل الحرب على شق تمرة. العقل العربي الان لا يشتغل لانه متورط في الطائفية والقبلية والايديولوجيا التي لفظت أنفاسها في مرابعهـــــا. على هذا العقل أن يفهم العرب اولا والعالم ثانيا حتى لانترك لأبنائنا تركة ثقيلة نتركهم لقمة سائغة لاستعمار جديد مختلف – لا قدر الله –
