أعرب مجلس إدارة البنك المركزي التونسي، في اجتماعه، الثلاثاء، عن عميق انشغاله إزاء المخاطر التصاعدية، التّي تحيط بآفاق تطور التضخم.
وأكّد على أهميّة تنسيق السياسات الاقتصادية لتجنب أي انزلاق تضخمي قد يزيد من حدة مواطن الضعف ويعيق انتعاشة النشاط الاقتصادي.
واستعرض المجلس، بالمناسبة آخر التطورات الاقتصادية والمالية وقرر الترفيع في نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي بـ 75 نقطة أساسية لتبلغ 7,0 بالمائة وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع نسبتي تسهيلات الإيداع والقرض الهامشي إلى 6,0 بالمائة و8,0 بالمائة، على التوالي.
ويدخل هذا القرار حيز التنفيذ بداية من تاريخ 18 ماي 2022.
وأكد المجلس ضرورة الشروع بأسرع ما يمكن في الإصلاحات الهيكلية اللازمة، التّي من شأنها إعادة النمو الاقتصادي إلى مسار تصاعدي بهدف ضمان الاستقرار الاقتصادي الكلي واستدامة الدين العمومي.
ولاحظ مجلس ادارة البنك المركزي، فيما يتعلق بالأسعار عند الاستهلاك، تواصل تسارع التضخم، الذي بلغ 7,5 بالمائة في شهر أفريل 2022 (بحساب الانزلاق السنوي)، بعد تسجيل 7,2 بالمائة في الشهر السابق و5 بالمائة في شهر أفريل 2021، أي أعلى مستوى يتم تسجيله منذ موفى سنة 2018.
ويعود تصاعد التضخم إلى تسارع أسعار كل من المواد المصنعة التي ازدادت بـ 9,3 بالمائة بحساب الانزلاق السنوي (مقابل 5,1 بالمائة قبل سنة) وأسعار المواد الغذائية التي ارتفعت بـ 8,7 بالمائة (مقابل 4,9 بالمائة في شهر أفريل 2021).
وعلى صعيد آخر، أشار المجلس أن المنحى التصاعدي التدريجي، الذي اتبعه التضخم الأساسي “دون اعتبار المواد الغذائية الطازجة والمواد ذات الأسعار المؤطرة” منذ سنة 2021، قد تسارع ليتجاوز عتبة 7 بالمائة في شهر أفريل 2022 بعد تسجيل 6,6 بالمائة في الشهر السابق ومقابل 5 بالمائة قبل سنة.
ويعتبر المجلس أن انتقال الضغوط التضخمية المتأتية من الخارج إلى الأسعار المحلية، من جهة، وتداعيات التعديلات المنتظرة على الأسعار المؤطرة في إطار إصلاح منظومة الدعم، من جهة أخرى، من شأنها الإبقاء على التضخم في مستويات عالية تاريخية، سواء خلال سنة 2022 أو سنة 2023.
وعلى مستوى القطاع الخارجي، سجل المجلس اتساع العجز الجاري الذي بلغ -2,7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2022 مقابل -1,7 بالمائة في سنة 2021 وذلك جراء تدهور الحاصل التجاري.
وفي جانب آخر، بلغ مستوى احتياطيات الصرف 23.655 مليون دينار أي ما يعادل 124 يوما من التوريد بتاريخ 16 ماي 2022 مقابل 23.313 مليون دينار و133 يوما من التوريد في موفى سنة 2021.
وتشير آخر المعطيات المتاحة، بحسب بيان البنك، إلى ارتفاع سريع ومعمّم للتضخم في جميع أنحاء العالم وهو ما يتباين مع الانتعاشة الهشة للنمو العالمي، الذي أضعفته تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.
وعلى الرغم من مراجعة النشاط العالمي نحو الانخفاض، استمرت الأسعار في الازدياد وفقا لتطورات الأزمة المذكورة وذلك من منطلق أن التصاعد شبه المعمم للأسعار الدولية للمواد الأساسية والاضطرابات المستمرة على مستوى سلاسل التزويد قد زادت حدتها مما أدى إلى تأجيج الضغوط التضخمية على مستوى سلسلة الأسعار بأكملها.
ومن المتوقع أن تكتسي هذه الضغوطات طابعا أكثر استدامة.
وأشار بيان البنك المركزي التونسي أنّه في هذا السياق، توجهت العديد من البنوك المركزية حول العالم نحو تشديد سياساتها النقدية.
وأشار البنك المركزي التونسي في بيانه أن النشاط الاقتصادي الوطني المدعوم أساسا من القطاع الصناعي قد واصل خلال الربع الأول من سنة 2022 تدعمه التدريجي ليبلغ 2,4 بالمائة بحساب الانزلاق السنوي مقابل 1,6 بالمائة في الثلاثي الرابع من 2021.
وقد ساهم القطاع الصناعي بقدر هام في انتعاشة حجم الصادرات، التي زادت بـ14 بالمائة بحساب الانزلاق السنوي مقابل 4,4 بالمائة في الربع الأخير من 2021.
ومن شأن الارتفاع المستمر لواردات المواد الأولية ونصف المصنعة خلال الفترة قيد الدرس أن ييسر تواصل انتعاشة الإنتاج الصناعي في الأشهر القادمة.
ومن المنتظر أن يعزز تحسن الوضع الوبائي ورفع القيود الصحية انتعاشة الخدمات، لاسيما تلك المرتبطة بالقطاع السياحي.